المحلل - 17


المحلل .........17

 دخل عصام البيت ليجد سهام تعمل علي اللاب توب واولادها حولها يلعبون وهي تشاكس هذا وتلاعب ذاك وتتكلم في نفس الوقت فون مع والدها تطمئن علي صحته ،وترسل قبلة لأخيها ،جلس بالقرب منها ينتظرها أن تنتهي لكي يتكلم معها ،في الماضي كان يشتكي قربها الزائد منه ،ماان يدخل البيت حتي تلتصق به تريده معها في كل ثانية حتي كاد يختنق ،اما الان فأصبح يبحث هو عنها ،تغيرت بشدة رغم كل محاولاته لاستمالتها،ورد دباديب ،بقاء في المنزل لساعات معها يتقرب بالقبلات والهمسات بالهدايا المفاجأة هذه  التي كانت تجعلها تطير من الفرحة ،

الان تستقبل كل هذا بابتسامة أشبه بتلك التي نعطيها لفتي التوصيل او لمن يصلح شئ لنا ،هناك شئ مفقود بينهم ،هي زادت جمالا وثقة في نفسها وايضا انشغالا ،باولادها و والدها اخواتها عملها حتي صديقاتها التي ابعدتهم عنها عادت لاستقبالهم في البيت التي كانت تخاف أن تدخل اي منهم البيت حتي لا يتكلم معهم ،الشي الوحيد الذي نجح فيه أنه   أصر الا تخرج من البيت خوفا من حدوث أي حوادث أخري وأصر أيضا أنها تخرج معه وحده إذا أرادت الخروج حتي يضمن أنها لن تفاجأئه وهو عند هنا ،فهو غير مستعد لمواجهتها الان ،هي وافقت بسهولة  ربما لأنها مازالت خائفة مما واجهته،رغم مكالمات هذا الضابط السخيف الذي يصر علي الاتصال بها لمعرفة مزيد من المعلومات ،انسان سخيف ومستفز بشدة وعندما طلبها للتحقيق في القسم أصر عصام أن يأخذ معه أولاده الثلاثة لعله يقتنع أنها مدام وليست آنسة كما يصر أن يناديها ،

هذا الضابط كلما رآه يحس أنه يرغب بشدة بإعادة تشكيل وجهه وتحويل وشه مكان قفاه ليستريح منه :هي سهام منورة وجميلة اليومين دول بس دي مراتي انا ملكي انا ،مش فاهم اول ما تشوفه تفضل تضحك وتنور كدا ليه ؟!هو يعني مهتم بجسمه شوية اه ماهو ظابط ودي شغلته انا لو فاضي كنت رحت الجيم وبقيت ايه احسن منه الف مرة كنت مسحته ،مش فاهم شايف نفسه علي ايه دا ،دا حتي دمه يلطش مش فاهم بتضحك علي ايه دي بتستفزني وخلاص انا عارف هي بتستفزني علشان اغير عليها .صح هو كدا . 

_عصام    عصاااااااااااام  بابا  عصام حبيبي .

_بجد ._عصام .

_حقيقي يا سهام انا حبيبك ؟!

_نعم ،تقصد ايه ؟!

_لسه بتحبيني ؟!

_عصام مالك يا بابا 

_انا مش بابا متقوليش يا بابا تاني قولي حبيبي وبس .

_عصام فيه ايه صعب عليكي تقولي حبيبي ،سهام انتي لسه بتحبيني صح نظرت له سهام طويلا ,تتفحصه غريبة حالتك لما كنت جنبك ومستنيه إشارة منك هجرتني وقلت عني منكدة عليك وعايزة اخنقك،مع اني كنت اتمني بس سعادتك ،دلوقتي لما بعدت قربت انت وعايز تتأكد اني بحبك ،تعرف أن دا اصعب سؤال تسأله دلوقتي ،انا مش عارفة إن كنت بحبك ولا بكرهك ولا وجودنا معا مجرد تعود مش اكتر مش هقدر اقول بحبك ولا اقدر اقول لا بس بحكم العادة اقول بحبك .

_صعب سؤالي اوي كدا !!

_طبعا بحبك ،يلا علشان نأكل علشان نروح لعمو احمد أصله تعبان ولازم نزوره .

_تقصدي الحاج احمد 

_ايوة بابا كلمني وقال أنه تعبان ومش بينزل بقاله اسبوع .

_طيب ماشي ،هنشوف .

جلس عصام يأكل وهو يفكر ،الحاج والحاجة كانوا مصممين أن سهام تعرف موضوع رجوعه لهنا لكنه رفض وأصر علي ذلك فهو لن يفقد سهام ،هي مازالت بعيدة عنه فما بالك لو عرفت بخبر رجوعه لهنا ماذا ستفعل ؟!

وأمام إصراره بكت هنا وتوسلت لهم أن يخفوا  خبر رجوعهم عنها هي لا تريد غير وجوده في حياتها حتي لو كزوجة سرية لا يهمها ،المهم أنه لا يبتعد عنها ابدا ،اصبحت مطيعة بطريقة مملة للغاية ،حتي أنه ساعات يفكر أنه لو طلب منها أن ترمي نفسها من البلكونة ستنفذ فورا ،صحيح أنهم استجابوا لطلبها وهذا من شهور ،تري الان هل غيروا رأيهم وقرروا أن تري سهام بنفسها ،لا لا أعتقد أنهم سيحاولون أو تحاول هنا ،هنامرعوبة من فكرة طلاقها مرة ثالثة وبعدها عنه ،لكن ماذا لو 

_عصام خلصت اكل يلا علشان نروح بسرعة لسه هنودي الاولاد عند بابا .رأت هنا عربية عصام تركن بجانب البيت ففرحت لانه اتي فهو من يومين لم يمر عليها أو يتصل بها ،منذ رجوعه وهو يتعامل معها بقسوة ولا مبالاة ولكنها لم تتذمر ابدا أو تظهر أي رد فعل ،هي تريد أن تعيش بقربه فقط يكفيها أنه معها ،جرت علي حجرتها لتغير ملابسها وتستعد وانتظرت دخوله ولكنها سمعت صوت الحاجة وهي ترحب بسهام وعصام ،نظرت من عين السحرية لتجد عصام وسهام وهم يدخلون عند الحاج احمد وعصام ممسك يد سهام وكأنه خائف أن تتركه حتي وهي تسلم علي الحاجة لم يترك يدها .عادت لتجلس بجانب البلكونة لتسمع أصواتهم وهم يضحكون ويتسامرون لكن ما يغيظ أن عصام لا ينادي سهام الا حبيبتي وهي ترد عليه بحبيبي والحاجة تعلق عليهم :ربنا يحميكم من العين ،الحمد لله ،ربنا يهدي سركم فيرد عصام :سهام دي قلبي وعمري ماقدر ابعد عنها ابدا اموت .كلمات قطعت قلبها وفجرت غضب شهور مضت تحملت علي أعصابها  هي تحملت اشياء رفضت بشدة تتحملها من محمود ،جات علي نفسها وقبلت كل ما يقوله لها ،لكن الان تنظر لنفسها فتحس بالنار تأكلها تتمني لو تقدر تدخل لتصرخ في وجهها :هذا زوجي زوجي وحبيبي انا ،انا لي فيه مثلك وأكثر،انا بحبه اكتر منك .لكنها تراجعت ،

خافت أن تواجهها فيطلقها الطلقة الثالثة وتنتهي حياتها معه وهي لن تقدر علي بعده .استمرت الحوارات بينهم والضحكات ترتفع أصواتها لتصل إلي مسامعها لتقتلها ويلعب الشيطان برأسها ،هي لن تتكلم،ولتكن الصدفة وحدها الحل !!خرج عصام وسهام من بيت الحاج وعصام يحمد الله أن شئ لم يحدث ،اخرجوا من باب العمارة لتجد سهام قطرات ماء تسقط عليها من فوق لترفع رأسها لتجد ترنج عصام وقميصه وبنطلونه معلقين في بلكونة هنا ،وقفت سهام لتنظر الي تلك الملابس التي كأنها غمرت في الماء ونشرت للتساقط مياها فوقها عمدا ،وقفت لحظة ثم أكملت طريقها كأنها لم تري شئ ،اما عصام ارتفعت دقات قلبها وكاد ينخلع من صدره من كثرة الدق وكأنهم وقفوا دهرا،  لكنه وجدها تكمل طريقها الي العربية وكأنها لم تري شئ فأكمل معها الطريق ودخل العربية وساقها وهو صامت وينتظر أن تتكلم اولا ،هل رأت الملابس وعرفت انها ملابسه ام لا ؟!

ربما هي لم تراها ؟؛لو كانت سهام القديمة لعرف رد فعلها بسرعة البرق أما هذه السهام لا يعرف إذا كانت رأت أم لم تري ؟!يتمني لو يسألها ،لكنه خائف أن تكون رأت الملابس وعرفت  أنها له ماذا ستفعل ؟!مستحيل تبعد عنه لن يقبل بعدها ابدا مستحيل تقدر تعملها ،لماذا لا تتكلم ،اتكلمي اشتميني ،اضربيني بس بلاش السكوت دا هيقتلني .

_سهام حبيبتي ،تعرفيى جاي علي بالي نأكل بره عارفة فين ؟!

_انا مش جعانة .

_بس انا جعان ونفسي اكل في أول مطعم قلت لك فيه بحبك فاكرة .

_اه .ذهبوا معا ،جلس عصام يتكلم عن الماضي وذكريات الحب والغرام وسهام تنظر إلي طبقها تارة واليه مرة أخري بدون اي كلمة .

_سهام ،ساكتة ليه ؟!

_بسمعك .

_ليه نسيت ذكرياتنا وغرامنا .

_الذكريات جزء من الإنسان سواء الجميلة أو الحزينة ،دايما بتفضل جوانا .

_يعني ذكرياتنا حلوة ولا حزينة .

_مجرد ذكريات فيها وفيها ،ممكن نقوم انا تعبت ونفسي انام .مر اسبوع وسهام لم تنطق حرف عن ما حدث وتتعامل معه كأن شئ لم يحدث ولكنه يحس أنها متغيرة أو ربما هو يظن ذلك ،لم يعد يعرف تصرفاتها تحتمل أنها تعرف أو ربما لم تعرف وهو  يتخيل،زادت الهدايا والمفاجات وكلمات الحب وزادت سهام في برودها وانشغالها في المناقصة تزيد بعدا فتزيد رغبته فيها ويتمني لو يستطيع أن يعيد سهام القديمة   ،اه لو تتكلم ،اعصابه تحترق لم تكن هنا أقل منه حيرة ووجع ،اسبوع كامل لم يكلمها ،لا تعرف ان كانت سهام فهمت ام لا ،هلةستغضب منه وتطلب الطلاق ويعود عصام لها والأهم من ذلك عصام  هو غضبان منها هل سيطلقها ام سيصدق أنها مجرد صدفة ،وانها لم تكن تعرف بوجودهم ،اعصابها تحترق . أعصاب عصام تعبت من كثرة الانتظار ،رن جرس تليفونه يأتي هذا الصوت الناعم المثير ليخرجه من تلك الحالة وينشغل معها عن ظنونه ،فيذهب إليها .

يتبع 

#المحلل 

#جيهان محمد

تاليف \ دكتورة جيهان محمد 


Comments
* The email will not be published on the website.